الاقتصاد وتطور الفكر الإقتصادي

ما المقصود بالفكر الأقتصادي وما مراحل تطوره


الفكر الاقتصادي يقصد به مجموعة الافكار أو التشريعات التي ظهرت في المراحل الزمنيه المختلفة، وقدمت الحلول والتفسيرات للمشكلات التي تعاني منها المجتمعات بسبب عدم كفاية الموارد الاقتصادية المتاحة على اشباع الحاجات.
وقد ساهمت الكثير من الحضارات القديمة في تراكم الأفكار الاقتصادية ابتداء من حضارات الشرق القديم مرورا بالحضاره اليونانية ثم الحضارة العربية الإسلامية وصولأ إلى الفكر الاقتصادي في العصر الحديث.

وهناك ارتباط وثيق بين تطور الأفكار الاقتصادية وتطور الوقائع والاحداث فالآفكار الاقتصادية هي وليدة الظروف والمشكلات الاقتصادية التي تسود في كل مرحلة وفيما يلى سنستعرض بصورة موجزة تطور الفكر الاقتصادي عبر الحقب التاريخية المتلاحقة، بدءا من الحضارات القديمة وحتى العصر الحديث.

الفكر الاقتصادي في الحضارات الشرقية القديمة


إن التغيرات الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع الشرقي القديم فسحت المجال أمام ظهور الافكار الاقتصادية المبكرة، حيث انعكست تلك الافكار في التشريعات الاقتصادية والمنظومات الفلسفية والمؤلفات الخاصة التي طرحت بصورة ملموسة أهم المسائل الحيويه، وأصبح الشرق هو الموطن الأول لهذه الأفكار.

الحضارة الفرعونية


عرفت  مصر على أيدي الفراعنة تقدما متميزا فى مستوى تطور أداء القوى المنتجة في القرن الثامن عشر، والقرن العشرين ق.م وتجسد ذلك في الاتي:
- ىتطور الإنتاج الزراعي .
-  نمو  العلاقات التجارية.
تحول العبيد إلى مالكين للاراضي الزراعية على حساب ملكية الأغنياء  الذين اضطروا للعمل.

الحضارة اليونانية

يمكن اعتبار قوانين حمورابي من أهم الاسهامات في الفكر الاقتصادي والتي ظهرت في الفترة (١٧٩٣ -١٧٥٠) ق.م حيث تظمنت هذه القوانين:
أالإعلان عن منع قتل المتخلفين عن دفع الضرائب.
بالإعلان عن إعفاء المكلفين بدفع ريع الأرض الزراعيه لعام واحد في حال سوء المواسم الزراعية.

الحضارة اليمنية


مما لا شك فيه أن التجاره قد لعبت دورا كبيرأ في الإزدهار الذي حققته الممالك اليمنية  القديمة ، ومن أجل التجارة تم شق العديد من الطرق للقوافل وبناء المحطات التجارية على تلك الطرق، ووضع القوانين والتي من بينها القانون الذي سنه أحد ملوك قتبان (شهر هلل)) والتى تدور مواده الأثنى عشر حول قاعدتين هما:
الأولى
تركز التجارة وحصرها في الموضع المسمى سوق ( شمر)) مدينة تمنع حضر عملية البيع والشراء ليلا، لضمان جباية الضرائب والرسوم المفروضة على التجارة.
الثانية:
 تفضيل التجار من أبناء قتبان، وفرض رسوم إضافية على غيرهم .


الحضارة الصينية

تعتبر الأفكار التي قدمها  المفكر الصيني كونفوشيوس خلال الفترة (٥٥١ - ٤٧٩ ق.م)  
والتي وضعها في كتابه (أحاديث وأحكام) انعكاسا للفكر الاقتصادي الصيني في تلك الفترة والتي تظمنت ما يأتي:
أمشروعية جمع الثروة بشرط عدم إلحاق الضرر بالاخرين.
بالاعتدال في أستهلاك  المواد الاستهلاكية ,  حيث أكد على رفضه الشديد لاسلوب الركض وراء الملذات لإشباعها
وفي القرن الثالث ظهرت أفكار (جوان تي) وهي عبارة عن نصائح قدمه للأمراء الذين عمل معهم جاء فيها:
أخضوع الحياة الاقتصادية لقوانين خاصه بها.
بمنع عمليات البيع والشراء اللأ أخلاقية.
ج- حق الدولة في الإسهام في الانشطة الاقتصادية التي تعود أرباحهاعلى الشعب، والتقليل من نتائج الكوارث.
درفع أسعار الحبوب الزراعية بهدف تشجيع المزارعين.
 ه- — عدم فرض الضرإئب  الكبيرة .

الحضارة الهندية


ظهرت الأفكار الاقتصادية الأكثر أهمية  في تاريخ الهند القديم في كتاب (علم عن السياسه) للمفكر (كتوثيلا) الذي عاش في الفترة (٣٢١٢٩٧) قبل الميلاد.
وتتلخص تلك الافكار في بعض المبادئ العامة التي قدت للملك من أجل وضع سياسة اقتصادية ناجحة تتمثل في الاتي:
أ - مشاركة الدولة في الحياه الأقتصادية من خلال تحديد  الدور الاقتصادي للسلطة التي يقع على عاتقها مهمة إعمار المناطق وإقامة القرى الجديدة، وحفر الابار، والمحافظة على النظام الزراعي، وتوسيع النشاطات الزراعية والحيوانية، وأعمال الرعي والبستنة بصورة دائمة.
ب-  ضرورة وضع معدلات ربح بسيطة للتجار مراعاة للمستهلكين.

الفكر الأقتصادي في الحضارة اليونانية القديمة


خلال الفترة من القرن الرابع وحتى القرن الثاني قبل الميلاد تناول الفكر الاقتصادي في اليونان قضايا ذات أهمية بالغة مثل مسألة القيم الاقتصادية، والنقود، والسعر، والتبادل، والربح.
ققد أكد الفيلسوف اليوناني (اكسينوفان) على الآهمية البالغة للنقود والوظائف التي تقوم بها في الحياة الاجتماعية ورأى فيها وسيلة للحفاظ على الثروة، ولاحظ أن تراكم البضائع في السوق ومن بينها الذهب يؤدي إلى هبوط أسعارها ، وأولى الفيلسوف أفلاطون أهمية خاصة لمسألة العلاقة المتبادلة بين الريف والمدينة؛ حيث يغطي الريف احتياجات المدينة من المنتجات الزراعية، بينما تغطي المدينة احتياجات الريف من الصناعات الحرفية.
أما الفيلسوف أرسطوا فقد برهن على أن البضائع المتبادلة بين الناس يجب أن تكون متعادلة على أسس محددة وقد أدرك أن ظهور التبادل سبق ظهور النقود بزمن طويل وقد وضع الأساس النظري لمعادلتي التبادل (بضاعة نقد بضاعة) و (نقد بضاعة نقد).

الفكر الأقتصادي في الحضارة العربية الإسلامية

يعتمد الإسلام منظومة متكاملة من القوانين والتشريعات التي تنظم حياة الإنسان في جميع نواحي الحياة ومنها الجوانب الاقتصادية وإلى جانب النصوص القرانية والأحاديث الشريفة كان للمفكرين المسلمين إسهامات عديدة فى الفكر الاقتصادي.
وفيما يلي نستعرض أهم الأفكار الاقتصادية لاثنين من المفكرين العرب المسلمين والتي تعتبر من أهم المفاهيم الأقتصادية.

1-      إبن خلدون

اهتم ابن خلدون بالظواهر والمتغيرات الاقتصادية وتفسيرها، وتحليلها واعتبر أن
النشاط الاقتصادي هو الركيزة الأساسية للمجتمعات البشرية، وقسم الأنشطة
الاقتصادية إلى أقسام: — زراعيةصناعيةتجاريةتعدينيةمتنوعة.
وتعتبر ارائه حول العمل وتقسيمه، ومسائل القيمة والثمن من أهم الأفكار الاقتصادية التي تناولها وكان سباقآ إلى طرحها قبل غيره من المفكرين الغربيين.
ويرى ابن خلدون أن العمل هوالأسا س لإعاشة  الأفراد وتكوين رؤوس الأموال , واعتبر أنه المصدر الحقيقي للقيمة نظرا لأنه هو الذي يخلق المنافع الأساسية للموارد الطبيعية من خلال إنتاج السلع والخدمات.
كما أن ابن خلدون قد وضع الأسس النظرية لتقسيم العمل.
وبالنسبة للقيمة يرى  ابن خلدون أنها المعيار لقياس المنفعة الأقتصادية للسلع والخدمات فقيمة أي سلعة تتحدد بكمية العمل المبذول فيها، وفيما يتعلق بالثمن، يرى ابن خلدون أن الأسعار الجارية تتحدد وفقا لقوى العرض والطلب.

٢- المقريزي

اهتم المقريزي في تفسيره للظواهر الاقتصادية السائدة في عصره للفترة (١٣٦٥١٤٤١م) على أساس نقدي، ويرى أن زيادة كمية النقود المتداولة في الاقتصاد تؤثر على المتغيرات الاقتصاديه  المختلفة ويعني ذلك أن زيادة كمية النقود في الوقت الذي تتحدد فيه الطاقة الإنتاجية للمجتمع يؤدي إلى الارتفاع المستمر في المستوى العام للآسعار مما يؤدي إلى الوصول بالاقتصاد إلى مرحلة التضخم التي تؤثر على مستوى الإنتاج وعلى طريقة توزيع الدخل.
ولم يقف المقريزي عند تشخيص المشكلة فقط بل إنه وضع الحلول لها والتي تتمثل في مطالبته أن تصك النقود من المعادن الفضية لتحديد كميتها نظرا لأن عرض تلك المعادن محدود الأمر الذي يحد من القدرة على التوسع في الاصدار النقدي وطالب السلطات بأن تصك النقود من معدن واحد ققط .
لأن تداول النقود المصكوكة من معدنين فقط (الفضةالنحاس) تؤدي إلي اختفاء العملة الفضية لما لها من قيمة سلعية أخرى تختلف عن قيمتها الإسمية مما يؤدي إلى صهرها واستخدامها استخدامات أخرى ، وبهذا كون المقريزي قد وضع الأسس لقاعدة الذهب.

أحدث أقدم

تفعيل منع نسخ المحتوي