المبتدأ والخبر

المبتدأ والخبر  

  يوجد في اللغة العربية نوعان من الجمل لا ثالث لهما وهما الجملة الفعيلة والجملة الأسمية ، والجملة هي محور الدراسات النحوية التي تقوم بدراسة العلاقات الكائنة بين مختلف الكلمات المكونة للسياق التركيبي للنص.

   فالنحو يبحث في الجوانب الوضيفية للكلمات التي تؤدي الى تشكيل القول المفيد وصنع الدلالات في وسط اي مجموعة بشرية ، ولذلك فالنحاة يعرفون الجملة بأنها الكلام الذي يؤدي معنى كاملا ومستقلا ويتركب من كلمتين او اكثر .
والجملة الأسمية هي التي تبتدأ باسم , والفعلية هي التي تبتدأ بفعل تام ، لأن الأفعال الناقصة يجري الحاقها بالجملة الأسمية لأنها لا تتظمن ركنا اساسيا في الجملة الفعلية الا وهو الفاعل ، الا اذا كانت تامة غير ناقصة .
وسنستعرض في هذا القسم الجملة الأسمية ونبين أركانها وضروب الخبر فيها وكيفية إعرابها .
إن الجملة الأسمية تتكون من ركنين أساسيين الا وهما المبتدأ والخبر ، وا ما يسميه بعض النحاة المسند والمسند اليه ، ولا يستقيم الكلام المفيد الا بهما معا ، واذا تحدث احدهم معك بجملة اسمية ، ولم يبستوف افادة ما فإنه بذلك فد قال نصف الدلالة ، وعليه ان ينطق بنصفها الآخر الا وهو الخبر ، او بما يجب الإخبار عنه.
فالمبتدأ : هو الأسم الذي يتصدر الجملة ، والخبر هو فهو الذي يكمل معنى الجملة وينقل الينا الإفادة التتي تتم حتما معناها الأساسي الذي وضعت الجملة اصلا من اجله.
والمبتدأ والخبر مرفوعان ، اما بضمة ظاهرة وهو الاصل وأما بحركة فرعية وقد يكونان في محل رفع في حال البناء او المصدر المؤول او الجملة او شبه الجملة .
والآن تأمل هذه الأمثلة التالية :
-قوله تعالى:(وأمرأته قائمة )
-قوله تعالى:(وأنا عجوز)
-قوله تعالى:(وهذا بعلي شيخا)
-قوله تعالى:(رحمت الله وبركاته عليكم)
من معلقة طرفة بن العبد :
- والدهر ينفد
-وثنياه في اليد
-فإن مت فأنعيني بما انا اهله.
-اذا القوم قالوا من فتى .
من امثال العرب:
-قال حمزة: هو رجل من كسع.
-هن وربي اسهم حسان .
-فاذا الحمر مطروحة حوله.
من خطبة حجة الوداع:
-ولكن لكم رؤوس اموالكم .
-فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف.
ومن قصيدة حسان بن ثابت :
وقال الله قد يثسرت جندا ****** هم الانصار عرضتها اللقاء
ومن قصيدة مالك بن الريب:
  يقولون لا تبعد وهم يدفنوني **** واين ماكن البعد الا مكانيا
فمنهن ام وابنتاها وخالتي **** وباكية اخرى تهيج البواكيا
   تتضمن جميع هذه الامثلة جملا اسمية وقد استوفت جميعها اركانها الموجبة لأداء المعنى ولكنك ستلاحظ ان الخبر يختلف من جملة الى اخرى وهذا التلون في ضروبه والتعدد في وجوهه من قوة اللغة ومرونتها ، وسنقوم بتصفح الامثلة وتحديد اركان هذ الجمل وانواعها في اتمام الخبر واحدة تلو الأخرى.
* وامراته قائمة تصلي : المبتدأ لفظ صريح ظاهر والخبر ايضا ، وكلاهما مرفوعان بضمه ظاهرة .
  *وأنا عجوز : جاء المبتدأ لفضا صريحا ظاهرا ، ولكنه مبني على السكون فتقول في اعرابه ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ ، اما خبره فلفظ صريح ظاهر مرفوع بالضمة الظاهرة.
  *(وهذا بعلي شيخا) : تعامله كالمثال السابق ولكن تعرب (هذا) على انه اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ ، اما خبره فخز مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها إشتغال المحل بحركة المناسبة .
*(رحمت الله وبركاته عليكم ) : يلاحظ هنا ان المبتدأ لفظ صريح ظاهر وهو مرفوع والخبر جار ومجرور (اي شبه جملة) ولذلك تعربه اعرابا ظاهرا ثم نقول : وشبه الجملة المكونة من الجار والمجرور في في محل رفع خبر المبتدأ (رحمةُ الله ).
 *والدهر ينفد ُ: المبتدأ لفظ صريح ظاهر وهو مرفوع ، ولكن الخبر جاء بصورة أخرى فعليك ان تعربه إعرابا ظاهرا أولا هكذا :(ينفد) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على اخره ، والفاعل ضمير مستتر تقديره (هو) ، والجملة الفعلية المكونة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر المبتدأ .
 *وثنياه في اليد : المبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الألف لانه مثنى وهو مضاف والهاء ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة ، اما الخبر فقد جاء شبه جملة جارا ومجرورا.
*من فتى: هذه الجملة فيها تقديم وتاخير ، والسبب هو تصدر اسم الإستفهام ، ولذلك فإن (من) هي الخبر وفتى هو المبتدأ ، ويتم إعرابهما على انهما لفظان صريحان ظاهران ، الا انه يجب ان تقول : من : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع خبر مقدم ، فتى : مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على آخره منع من ظهورها التعذر.
أما بقية الامثلة فهي تكرار يتشابه مع هذه الوجوه النحوية التي قمنا ببسطها ومعالجتها.

وهناك وجهان آخران يجيء  عليهما الخبر وهما الجملة الإسمية والمصدر المؤول ، مثل:
*المؤمن كلامه صادق.
*المجاهدون عزائمهم شديدة .
*الحق أن تحكم بالعدل.
*الإسلام أن تنطق بالشهادتين.
ويتم التعامل مع هذه الجمل كالآتي :
-المؤمن : مبتدأ أول مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على اخره .
كلامه : مبتدأ ثان مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره ، والهاء ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة .
 *صادق خبر المبتدأ الثاني مرفوع وعلامة رفعه الضمة .
ثم نقول : والجملة الإسمية من المبتدا الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول .
  وهكذا يجري مع المثال الذي يليه، اما جملة (الحق ان تحكم بالعدل ) فيتم إعرابها كما يلي:
الحق : مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة .
أن : حرف مصدر ونصب مبني على السكون .
تحكم : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
بالعدل: الباء حرف جر والعدل اسم مجرور .
ثم نقول : والمصدر المؤول ان تحكم بالعدل وتقديره (حكمك بالعدل) في محل رفع خبر المبتدأ(الحق)    .
وهكذا بالنسبة للمثال الذي يليه.
وبذلك نجد ان ضروب حالات الخبر قد انحصرت تقريبا في الآتي:
1- لفظ صريح ظاهر.
2- جملة فعلية.
3- جملة إسمية.
4-شبه جملة.
5-مصدر مؤول.

فوائد:


1- الأصل في المبتدأ ان يكون معرفة حتى يكون معلوما لدى المخاطب ، وإلا فكيف يفيد الكلام على نكرة مجهول ، ولكن النكرة قد تفيد فإذا أفادت جاز الإبتدأ بها ، وتكون النكرة مفيده في حالات أحصاها النحاة ، نذكر بعضها فيما يلي:
أ- أن يكون الخبر شبه جملة متقدما عليها، مثل : في الدارِ رجلٌ ، ويشترط ان يكون المجرور معرفة .
ب-ان تكون مسبوقة بحرف إستفهام، مثل : هل رجلٌ فيكم؟
ج-ان يتقدم عليها نفي، مثل : ما صديقٌ لنا.
د-أن تكون موصوفة ، مثل قوله تعالى: (ولعبدٌ مؤمنٌ خيرٌ من مشركٍ) .
ه- أن تكون عامة، مثل: كلٌ يموتُ.
 
2-اللفظ الصريح الظاهر هو النوع الاول من ضروب الخبر يمكن ان يتي في عدة صور : مثل جمع المذكر السالم والمثنى والاسماء الخمسة وأسماء الإشارة والأسماء الموصولة ، وضمائر الرفع المنفصلة ، ونذكر هذا الشان حتى يدرك الدارس اهمية تمييز حركات الإعراب الفرعية التي تنوب الضمة في الرفع ، والأمر نفسه ينطبق على المبتدأ ، أما في حالة وجود المبنيات فإنك مطالب بذكر حالة البناء ثم تلجأ مباشرة الى الإعراب المحلي فلا تنس ذلك لأهميته في النحو العربي ، إذ لايستقيم الإعراب الا به.

3-أغرق القرآن الكريم كثيرا في عمليات التقديم والتأخير والحذف في المبتدأ والخبر لأسباب عديدة ترجع في مجملها الى مقتضيات دلالية وبلاغية عن طريق التصرف في وجوه البيان والتفنن فيه من سياق الى آخر ، ولكن بإتقان وإبداع عظيم

 4-قد يأتي المبتدأ مصدرا مؤولا كما في قوله تعالى (وأن تصوموا خيرٌ لكم).
5- إذا جاء الخبر جملة إسمية او فعليه يجب ان يشتمل على مايسمى العائد  الذي يرجع الى المبتدأ .
6-يمكن ان يتعدد الخبر في الجملة الإسمية مثل : الله غفور رحيم كريم حليم.
    
أحدث أقدم

تفعيل منع نسخ المحتوي