خلاصة سلسلة المقالات هذه هي معرفة المعلومات وعلاقتها ببناء الروح. قبل البدء لا بد من التعرف على بعض المصطلحات، كلمة المادي (Material) تطلق على جميع الأشياء التي تخضع لعلم الفيزياء وكلمة اللامادي (Immaterial) تطلق على الأشياء التي لا تخضع لقانون علم الفيزياء وهذا العالم يسمى بعالم ما وراء الطبيعة (Metaphysic) أو عالم الأرواح. مثلا المواد Materials
مثل سيارة، كتاب، كرسي، تيار كهربائي، الحرارة، وغيرها. فأنها جميعا تشكل
أشياء ومكونات مادية تخضع لقانون الفيزياء. أما الروح فإنها لا تخضع
لقوانين الفيزياء فمثلا لا يمكن تجسيمها (طول، عرض، ارتفاع) ولا تخضع
للمقدار الكمي.
New Page 5
وبعد
هذه المصطلحات أصبح واضح للعيان ان الروح شيء يختلف عن كل ما موجود في
الطبيعة مما نراه وما لا نراه، نحس بيه والذي لا نتحسس به. قبل الخوض بتفاصيل الروح، يجب أولا إثبات وجود الروح.
الإثبات: هناك عدة طرق لإثبات وجود الروح :-
الإثبات الأول: يمكن
الاستدلال على وجود شيء لا مادي ويسمى الروح وهو مترابط مع كيان فيزيائي
وهو الجسد، وذلك بالاعتماد على الأديان السماوية. حيث نلاحظ كل دين سماوي
يؤكد على أنه يوجد عالمين: العالم الأول يبدأ للروح عند ربطها بالجسم
المادي وينتهي بفصلها عن ذلك الجسم المادي، أما العالم الأخر فأنه يصف
محاسبة الروح عن خرقها لقوانين ومقاييس معينة. وهو اما التكريم أو
المعاقبة.
الإثبات الثاني:
وهو يمكن معرفة الروح من السلوكية، حيث كل إنسان لديه روح خاصة به ولا
يمكن لروح إنسان ان تحقق وصول تام وكامل لروح إنسان آخر، وكما نلاحظ فأن
الجسد يكون أسير لفعاليات وأوامر تأتي من الروح. فبعد
الإثبات والتأكد من وجود الشيء اللامادي وهو الروح. لننظر إلى كيفية تقريب
الروح إلى الفهم والتفسير. وفق رأيي، فأن الروح تعتبر شيء لا مادي وهو سر
من أسرار الله سبحانه وتعالى ولكن في بادئ الأمر تكون شيء لا مادي خام.
بمعنى أخر يمكن اعتبارها شيء من الطيف (وان هذا الطيف ربما لا توجد الأجهزة
بالوقت الحاضر من التحسس فيه) وان هذا الطيف له القابلية على حمل متغيرات
وقيم فيزيائية والتي تشكل معنى الإنسان. لنأخذ
ابسط مثال وعلى سبيل التقريب لا أكثر، مثلا لنأخذ موجة الراديو أو
التلفاز، فأنها تنبعث من جهاز يطلق ترددات موجة معينة، وان الموجة بحد
ذاتها هي تشابه إلى الروح، أما قيم الموجة فأنها تعتبر هي معنى الإنسان،
ربما تكون هذه الموجة تمثل صوت وصورة ممثل معين يؤدي أغنية معينة، أو ربما
يكون مذيع يلقي نشرة أخبار، فأنك تلاحظ ان نفس المصدر يطلق نفس التردد
للموجة ولكن هذه الموجة تحمل قيم مختلفة. بمعنى
ان الروح هي شيء خام ومحملة بقيم ومتغيرات (تسمى الفطرة) وعند تراكب هذه
الروح وازدواجها مع الجسم المادي وهو الجسد فأنها تبدأ باستخدام الجسد
كواسطة لحفظ المتغيرات والقيم ضمن الروح، وبطبيعة الحال ان هذه القيم تحتاج
إلى قانون كي تتخذ التفسيرات والإجراءات المتعلقة بتنفيذ تلك القوانين.
وكما نعرف فأن جميع الأديان المنزلة من قبل الله سبحانه وتعالى هي خلاصة
لمجموعة قوانين تحكم الروح في الأداء والتصرف.
وقد يسأل سائل ... إذا ما العلاقة بين الجسد والقوانين والقيم والمتغيرات
والروح؟ وأقول له بصراحة، ان العلاقة ترابطية بحيث ان الجسد يستخدم أجهزته
البيولوجية وبالذات (الدماغ) كماكنة لتطبيق القوانين على المتغيرات والقيم
وينتج استفسار أو قانون جديد وبالتالي يستخدمه في اتخاذ القرارات.
لنوضح المسألة أكثر، استخدم الجسد أجهزة الإدخال لديه لترجمة المعلومات من
المحيط الخارجي وجعلها بشكل مفهوم وقابل للخزن داخل دماغ الإنسان، وان
الروح تحمل هذه المعلومات المشفرة داخل دماغ الإنسان كما تحمل الموجة قيم
الإشارة. اذا يمكن القول بأن الإنسان
هو عبارة عن مقدار وثمن تلك القيم التي يحملها في روحه، و برأيي الخاص،
الإنسان كلما كانت قابليته على رفع كميات من المعلومات الثمينة فأن روحه
ستكون بمقدار ثمن تلك المعلومات. اذا
على الإنسان أن يختار لنفسه القانون الصحيح ويكثر من المعلومات لكي يكون
إنسان يستحق العيش ويستحق الثناء وإلا فأنه يكون اقرب إلى الكائن الحي
الغير بشري ، اي همه إشباع غرائزه ورغباته بدون رادع قانون، وأحسن القوانين
هي قانون الله سبحانه وتعالى، واستطعت ان الخص قانون الله سبحانه وتعالى
بكلمتين وهي أولا التوحيد، وثانيا ترك الأنانية (نكران الذات والتمسك
بالإنسانية). واسأل الله أن يوفقني على ان الم بموضوعي هذا ولكم فائق شكري وتقديري
د. ضياء العزاوي